كونفدرالية المقاولات الصغرى: قرارات حكومة أخنوش تسببت في بلوغنا نفس معدل البطالة المسجل في 1995، عندما أعلن الحسن الثاني أن المغرب يواجه "السكة القلبية"
دعت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى المتوسطة إلى إعادة إحياء البرنامج الملكي "إنطلاقة "، بشكل بعيد عن المِلكية الفردية لوزير أو حزب سياسي في السلطة أو وزارة معينة، محملة الحكومة مسؤولة ارتفاع نسبة البطالة وإدخال المغرب في سكة قلبية جديدة.
وأوردت الكونفيدرالية، في بلاغها الذي توصلت به "الصحيفة"، أنه على الرغم من كل التسهيلات والمزايا والتشجيعات التي قدّمتها الحكومة الحالية برئاسة عزيز أخنوش، إلى "الباطرونا"والمقاولات الكبيرة، فإن المغرب لم ينشئ سوى 17.500 منصب شغل، مقابل فقدانه 25.000 مقاولة صغيرة جدا في عام 2022، مما أدى إلى فقدان عشرات الآلاف من المناصب، ونقل نصف هذه المقاولات الصغيرة والمناصب الشغل إلى القطاع غير المهيكل، الذي يشغل الآن 77.3 في المائة من القوى العاملة في المغرب حسب التقرير البنك الدولي.
واعتبرت أن اقتصادنا، الذي يفضل فقط المقاولات الكبيرة والمشاريع الضخمة التي تستفيد من جميع المزايا والاعفاءات، وتعتمد على الرقمنة بشكل متزايد، لن يحل مشكلة البطالة، التي وصلت إلى مستويات خطيرة "حيث وصلت إلى 13.5 في المائة في نهاية 2023، وهو معدل البطالة نفسه المسجل عام 1995، عندما أعلن الملك الراحل الحسن الثاني في خطاب شهير في البرلمان أن المغرب يواجه السكة القلبية".
ولفتت الكونفدرالية، إلى تقرير البنك الدولي الأخير، مشيرة إلى أن معدل البطالة البالغ 13.5 في المائة، يحيل إلى أنه من بين شابين نجد واحد عاطل، وأن 77.3 في المائة من الوظائف التي تم إنشاؤها توجد في القطاع غير المهيكل، وأن 70 في المائة من المقاولات الصغيرة جدا تنشط في هذا القطاع غير المهيكل من إجمالي 7 ملايين مقاولة صغيرة جدا، بالإضافة إلى 25.000 من هذه المقاولات أعلنت افلاسها عام 2022 وأن 250.000 مقاولة مهددة بالافلاس، بالإضافة إلى إغلاق 8.964 مقهى ومطعم في جهة الدار البيضاء – سطات فقط في 2023، مما أدى إلى فقدان 107.568 منصب شغل حسب الجامعة الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب، دون الحديث عن الجهات الأخرى والقطاعات الأكثر تأثرا مثل البناء والتشييد والصناعة والسياحة والحرف اليدوية والخدمات والتجارة والنقل.
ووفق ذات البلاغ، فالاقتصاد المغربي فقد حوالي 300.000 منصب شغل بين الربع الثالث من عام 2022 وعام 2023، بخسارة 269.000 منصب في المناطق القروية و 29.000 منصب في المناطق الحضرية بسبب نقص البرامج الموجهة خصوصا للمشاريع الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة والجفاف والتضخم وارتفاع أسعار الوقود وارتفاع سعر الفائدة وتداعيات جائحة كوفيد-19".
وبالنسبة لبرامج "إنطلاقة " و"فرصة "، ناشدت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، الجهات العليا في البلاد والمسؤولين لإعادة العمل بها وتنشيطها وتعزيزها، بدلاً من إيقافها "كما يبدو أنه سيحدث في إطار مشروع قانون المالية لعام 2024 بالنسبة لبرنامج "فرصة".
وأشارت إلى أن برنامج "إنطلاقة "، في الوقت الحالي في انتظار تقرير المجلس الأعلى للحسابات التي تقوم بتقييم لهذا البرنامج بناء على طلب من البرلمان، مشيرة إلى أنها عقدت اجتماع عمل بهذا الشأن مع قضاة هذا المجلس لإبلاغهم بالتجاوزات في برنامج "إنطلاقة" وتزويدهم بتوصياتنا لتحسين أداء هذا البرنامج الملكي الذي تطمح في استمراره.
ودعت الحكومة والوزارات والمسؤولين عن هذه البرامج وبرامج مقاولاتية الأخرى، أن لا تكون هذه البرامج ملكية فردية، بل يجب أن يتم ضم جميع الأطراف المعنية وإقامة حكامة مناسبة لتسيير وتنفيد هذه البرامج التي تنتمي إلى الدولة والشعب المغربي، وخاصة الشباب منهم، لا أن تكون ملكاً لوزير أو حزب سياسي في السلطة أو وزارة معينة، ومن الضروري أن نتوقف عن إدارتها كبرامج سياسية من طرف أحزاب في السلطة، بل يجب أن نعاملها كبرامج تابعة للمملكة المغربية.
وشدّدت كونفدرالية المقاولات الصغرى على ضرورة إعادة إحياء البرنامج الملكي "إنطلاقة "، الذي يلبي احتياجات المقاولات الصغيرة جدا وحاملي المشاريع بالخصوص بشكل أفضل، وتعزيز عملية المرافقة وضمان إجراءات صرف القرض في وقت يسمح للمقاول بمزاولة عمله وانشاء مقاولته دون تعقيدات بنكية أو بيروقراطية قد تعصف بالمشروع في مهده، إلى جانب أن تسهل البنوك هذه العملية قدر الإمكان وإعادة النظر في النظام القديم والثقيل الذي يعود إلى التسعينيات، مشيرة إلى أن المشاريع المقدمة الآن مبتكرة وتتطلب نهجا مصرفيا مبتكرا أيضا، بدلاً من بيروقراطية ثقيلة يمكن أن تؤدي إلى تعريض المشاريع للعقوبات منذ بدايتها.
وبالنسبة لبرنامج "فرصة "، قالت إنه من المهم إجراء تقييم للنسختين السابقتين لتصحيح نقاط الضعف والخلل التي طالت النسخة الثانية، مؤكدة على ألا يتم إيقافه بأي حال من الأحوال، بل يجب تعزيزه وإعادة تنشيطه بمبالغ مهمة قدرها 200.000 درهم أو 250.000 درهم لكل مشروع، نظرا للطلب الكبير من الشباب والاهتمام الذي أثاره هذا البرنامج بين رواد الأعمال الشباب.
وأكدت كونفدرالية المقاولات الصغرى أن برنامج "فرصة " هو أحد البرامج الأكثر ملاءمة لحاملي المشاريع الصغيرة جدا، ولكن يجب إعادة النظر في معايير اختيار الحاضنات وأدوات الاتصال والتواصل، وإرساء نوع من الحكامة في التسيير و التعامل مع جميع حاملي المشارين دون تمييز على عكس رأي الباطرونا، لافتة إلى انعدام التشاور والاستشارة و من جانب الحكومة أثناء إعداد مشروع قانون المالية والبرامج المختلفة.
وبحسب الكونفدرالية، فإن الحكومة الحالية لا تأخذ في الاعتبار الأزمة التي توجد فيها معظم المقاولات والافلاس الذي تعاني منه المقاولات الصغيرة جدا و الصغرى والمتوسطة و المقاولين الداتيين، وكذلك المئات آلاف من المناصب التي فقدت، مستنكرة الممارسات التي تتعامل بها الحكومة و العديد من الادارات التابعة لها في تميز بين الباطرونا و مقاولاتها على حساب المقاولات الصغيرة جدا و الصغرى والمتوسطة.
واستحضرت الكونفدرالية أيضا، الإجراءات الإدارية الثقيلة والتأخر في الحصول على العديد من التراخيص والبطء في تنفيذ القوانين والبرامج المختلفة، بما في ذلك التحول الرقمي.
هذا، وأدانت التدابير القاسية التي تتخذها المديرية العامة للضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ضد المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة و المقاولين الذاتيين، مشددة على أنه "يجب أن يتوقفوا عن التركيز عن المراجعات فقط على جميع المقاولات الصغيرة جدا الصغرى والمتوسطة، بينما يتم استثناء المقاولات الكبيرة و الباطرونا".
وأبرزت في تقريرها، أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مدين بمبلغ 67 مليار درهم للباطرونا، ولكن لا يتم ممارسة أي ضغوط على هذه الشركات الكبيرة لاسترداد هذا المبلغ، على العكس من ذلك، فإن المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة هي التي تكون دائما تحت المراقبة.
الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة ناشدت أيضا، من جديد المديرية العامة للضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن يتعاملا مع المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة بنفس القدر الذي تتعامل به مع الباطرونا، في ظل الظروف الحالية الصعبة جدا، معتبرة أنه "لا يمكن لهذه المقاولات الصغيرة تحمل ضغوطات إضافية وفي آن واحد".
وأعربت الكونفدرالية عن استعدادها لمواصلة الجهود التي بذلت مع المديرية العامة للضرائب والمدير العام السابق لها عمر فرج، وكذلك مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وكذا التشجيع على الحوار لإيجاد حلول وللتوعية المقاولات الصغيرة جدا وصغرى والمتوسطة و المقاولين الداتيين، ونشجع هذه المقاولات على دفع مستحقاتها الضريبية أو اشتراكاتهم للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، موردة أنه "إذا كانت هناك استثناءات، فلا ينبغي تعميمها على جميع المقاولات الصغيرة جدا و الصغرى والمتوسطة".